روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | الشتاء...ربيع العابدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > الشتاء...ربيع العابدين


  الشتاء...ربيع العابدين
     عدد مرات المشاهدة: 2180        عدد مرات الإرسال: 0

الشتاء فرصة لزيادة الطاعات والإنتاج:

على عكس ما يرى البعض، أن الشتاء بكل ما فيه من ظواهر كونية كالرعد والبرق وشدة البرودة والأمطار الغزيرة التى تصل إلى حد السيول فى أحيان كثيرة، مدعاة للكسل والخمول، حيث يرى علماء الدين ان فصل الشتاء هو ربيع العابدين، وفرصة لزيادة الإنسان المسلم فى التقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وفى الوقت نفسه زيادة العمل والإنتاج على جميع الأصعدة.

يقول الدكتور عبدالفتاح عاشور، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر، إن الإنسان المسلم مطالب فى كل أوقات عمره، بإنتهاز وإغتنام فرصة وجوده فى هذه الحياة، ليتزود منها للدار الآخرة، كما أوصى بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فى الحديث المشهور، عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سق مك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك».

ـ بغير مشقة:

وأشار إلى انه توجد أوقات تتيح للمسلم أن يتزود بالزاد الحقيقى من الطاعات، دون ان يتحمل كثيرا من العناء والمشقة، مما يعينه ويشجعه على الإكثار من الطاعات إبتغاء لمرضاة الله تعالي، حيث قال الله عز وجل فى كتابه الكريم: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولى الألباب} [البقرة:197]، موضحا أن من هذه الأوقات موسم الشتاء، والذى يقال عنه إنه ربيع العابدين، نظرا لطبيعة المناخ فيه، وقصر ساعات نهاره، وطول ساعات ليله، فالإنسان فى الشتاء لا يشعر بالمشقة، إذا ما صام يومى الاثنين والخميس من كل أسبوع، وأيضا الأيام التى تسمي بالأيام البيض وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، من كل شهر عربي.

وأوضح أن إحياء سنة قيام الليل لها حظ وافر فى فصل الشتاء، من عدة جوانب منها ان ليل الشتاء طويل، مما يساعد الإنسان إذا نام مبكرا، أن يأخذ قسطا كافيا من النوم فى أول الليل، حتى يستيقظ فى أوقات السحر -على الرغم من شدة البرد- ليحيى ليله بالقيام والذكر والتبتل والتهجد وقراءة القرآن الكريم ومناجاة رب العزة سبحانه وتعالي، وطلب المغفرة من الذنوب والآثام، قال تعالي: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:78]، مشيرا الى ان الدعاء والإبتهال وطلب العفو من رب البريات أرجى للقبول فى الثلث الأخير من الليل، حيث يستشعر الإنسان المسلم أن الإله الكريم يتنزل فى هذا الوقت من الليل، كما ورد ذلك فى الحديث الصحيح، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ فَيَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ مَنْ ذَا الَّذِى يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْأَلُنِى فَأُعْطِيَهُ مَنْ ذَا الَّذِى يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ»، فالإنسان المسلم عليه أن يكون حريصا على ان يغتنم هذه اللحظات الطيبة، وهو واقف بين يدى ربه يرجو رحمته ويخاف عذابه، ويدعو بما أحب من خيرى الدنيا والآخرة، وما أجملها من لحظات وساعات، فيجب علينا اغتنام فرصة أيام وليالى الشتاء، لننهل من هذا المعين العذب، ولنجدد صلتنا بالله تعالى حتى نفوز مع الفائزين.

ـ إستثمار النشاط:

وفى سياق متصل، يرى الدكتور عبدالغفار هلال، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن فصل الشتاء فرصة للنشاط على جميع الأصعدة، ليس فى العبادة وحدها، ولكن فى شتى مجالات الحياة، موضحا أن فى أيام وليالى الشتاء تظهر آيات الله كالبرق والرعد والأمطار، تعلمنا الخوف من الله تعالي، وتنذر من عقاب الله للمقصرين فى حقه، وفى الوقت نفسه، يطمع الجميع فى مغفرته ورحمته، قال تعالى فى كتابه العزيز: {هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد:13]، وفى تسبيح الرعد لله تعالى تذكير للإنسان المسلم، ألا يغفل عن ذكر الله تعالى فى اى حال من الأحوال.

وأشار الى أن الفكر والذهن يكونان صافيين فى فصل الشتاء، بدليل ان عمل المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية يكون فى الشتاء، حتى تكون نسبة الإستيعاب لدى المتعلمين عالية، كما تكون الهمة والحماس والنشاط والحركة العملية، مرتفعة لدى الإنسان فى فصل الشتاء، مما يمكن إستثمار ذلك فى زيادة الإنتاج ودفع عجلة التنمية الى الإمام، حتى يتحقق الإزدهار والتقدم والرخاء للجميع.

وأوضح أن على الآباء والأمهات، فى فصل الشتاء، تدريب الأطفال على العبادة بمختلف أنواعها، خاصة الصيام، حيث إن يوم الشتاء وقته قصير، ومناخه لطيف مما يساعد الأطفال على التدريب والتعويد على الصيام دون عناء ومشقة، حتى يحبوا هذه الفريضة منذ الصغر، مع ربط ذلك بباقى العبادات من صلاة وقراءة للقرآن، خاصة ان فى أيام الشتاء يكون الأطفال ملتزمين بمواعيد أوقات الدراسة، بحيث يجرى التطبيق العملى لهم على ممارسة العبادة التى يدرسونها فى المناهج، بقدر المستطاع فى فصل الشتاء، مستثمرين نشاطهم وذهنهم الصافي، فى كل ما ينفع المجتمع فى المستقبل.

بقلم: خالد المطعنى.

المصدر: الأهرام اليومى.